الصفحة الرئيسية
>
شجرة التصنيفات
كتاب: فيض القدير شرح الجامع الصغير من أحاديث البشير النذير **
<تنبيه> في تذكرة أبي حيان سألني قاضي القضاة أبو الفتح القشيري يعني ابن دقيق العيد ما وجه الاستثناء الواقع في خبر ما منكم من أحد يقوم فيمضمض ويستنشق وينتثر إلا خرجت الخطايا من فيه وأنفه، فأجبته أحد مبتدأ ومن زائدة ويقوم ويمضمض ويستنشق وينتثر صفات لأحد وإلا خرجت هو الخبر لأنه محط الفائدة. والمعنى ما أحد يفعل هذه الأشياء إلا كان كذا. وقس على ذلك. - (طس عن علي) أمير المؤمنين ورواه أبو نعيم والديلمي. 7984 - (ما من آدمي) من زائدة كما سبق وهي هنا تفيد عموم النفي وتحسين دخول ما على النكرة (إلا في رأسه حكمة) [ص 467] وهي بالتحريك ما يجعل تحت حنك الدابة يمنعها المخالفة كاللجام والحنك متصل بالرأس (بيد ملك) موكل به (فإذا تواضع) للحق والخلق (قيل للملك) من قبل اللّه تعالى (ارفع حكمته) أي قدره ومنزلته يقال فلان عالي الحكمة، فرفعها كناية عن الاعذار (فإذا تكبر قيل للملك ضع حكمته) كناية عن إذلاله فإن من صفة الذليل تنكيس رأسه فثمرة التكبر في الدنيا الذلة بين عباد اللّه وفي الآخرة نار الإيثار وهي عصارة أهل النار كما جاء في بعض الأخبار. - (طب عن ابن عباس، البزار عن أبي هريرة) رمز لحسنه وهو كما قال فقد قال المنذري والهيثمي: إسنادهما حسن لكن قال ابن الجوزي: حديث لا يصح. 7985 - (ما من أحد يدعو بدعاء إلا آتاه اللّه ما سأل) قال الكرماني: هو استثناء من أعم الصفات أي ما أحد يدعو كائناً بصفة إلا بصفة الإيتاء إلخ (أو كف عنه من السوء مثله ما لم يدع بإثم أو قطيعة رحم) فكل داع يستجاب له لكن تتنوع الإجابة فتارة تقع بعين ما دعا به وتارة بعوضه بحسب ما تقتضيه مصلحته وحاله فأشار به إلى أن من رحمة اللّه بعبده أن يدعو بأمر دنيوي فلا يستجاب له بل بعوضه خيراً منه من صرف سوء عنه أو ادخار ذلك له في الآخرة أو مغفرة ذنبه وفيه تنبيه على شرف الدعاء وعظم فائدته أعطى العبد المسؤول أو منع، وكفى بالدعاء شرفاً أنه تعالى جعل قلبه بالرغبة إليه ولسانه بالثناء عليه وجوارحه بالمسؤول بين يديه فلو أعطى الملك كله كان ما أعطى من الدعاء أكثر فدل على أن الداعي مجاب لا محالة كما تقرر. - (حم ت) في الدعوات وكذا الحاكم (عن جابر) بن عبد اللّه رمز لحسنه وفيه ابن لهيعة وقال الصدر المناوي: في سنده مقال. 7986 - (ما من أحد يسلم عليَّ إلا رد اللّه علي) وفي رواية إلي قال القسطلاني: وهو ألطف وأنسب إذ بين التعديتين فرق لطيف فإن رد يتعدى كما قال الراغب بعلى في الإهانة وبإلى في الإكرام (روحي) يعني رد علي نطقي لأنه حي على الدوام وروحه لا تفارقه أبداً لما صح أن الأنبياء أحياء في قبورهم (حتى أرد) غاية لرد في معنى التعليل أي من أجل أن أرد (عليه السلام) هذا ظاهر في استمرار حياته لاستحالة أن يخلو الوجود كله من أحد يسلم عليه عادة ومن خص الرد بوقت الزيارة فعليه البيان فالمراد كما قال ابن الملقن وغيره بالروح النطق مجازاً وعلاقة المجاز أن النطق من لازمه وجود الروح كما أن الروح من لازمه وجود النطق بالفعل أو القوة وهو في البرزخ مشغول بأحوال الملكوت مستغرق في مشاهدته مأخوذ عن النطق بسبب ذلك، ولهذا قال ابن حجر: الأحسن أن يؤول رد الروح بحضور الفكر كما قالوه في خبر يغان على قلبي وقال الطيبي: لعل معناه تكون روحه القدسية في شأن ما في الحضرة الالهية فإذا بلغه سلام أحد من الأمة رد اللّه روحه من تلك الحالة إلى رد سلام من سلم عليه وكذا شأنه وعادته في الدنيا يفيض على أمته من سبحات الوحي الالهي ما أفاضه اللّه عليه ولا يشغله هذا الشأن وهو شأن إفاضة الأنوار القدسية على أمته عن شغله بالحضرة كما كان في عالم الشهادة لا يشغله شأن عن شأن والمقام المحمود في الآخرة عبارة عن هذا المعنى فهو في الدنيا والبرزخ والعقبى في شأن أمته وههنا أجوبة كثيرة هذا أرجحها ورده المصنف وغيره بما لا طائل تحته. - (د عن أبي هريرة) قال في الأذكار والرياض: إسناده صحيح وقال ابن حجر: رواته ثقات ورواه عنه أيضاً الإمام أحمد في المسند لكن لفظه إلي بدل علي ولم يخرجه من الستة غير أبي داود فقوله في الفجر المنير خرجه الترمذي وهم. [ص 468] 7987 - (ما من أحد يموت إلا ندم) قالوا: وما ندامته يا رسول اللّه قال: (إن كان محسناً ندم أن لا يكون ازداد) أي خيراً أي من عمله (وإن كان مسيئاً ندم أن لا يكون نزع) أي أقلع عن الذنوب ونزع نفسه عن ارتكاب المعاصي وتاب وصلح حاله ولهذا يتعين اغتنام العمر إذ هو لا قيمة له ولا عوض عنه. ومن ثم قال أحمد بن حنبل: الدنيا دار عمل والآخرة دار جزاء فمن لم يعمل هنا ندم هناك وقال ابن جبير: كل يوم عاشه المؤمن غنيمة فإياك والتهاون فيه فتقدم المعاد من غير زاد قال الزمخشري: الندم ضرب من النعم وهو أن تغتم على ما وقع منك وتتمنى أنه لم يقع وهو غم يصحب الإنسان صحبة لها دوام ولزام لأنه لما تذكر المتندم عليه راجعه، من الندام وهو لزام الشيء ودوام صحبته. ومن مقلوباته أدمن الأمر إدامة ومدن بالمكان أقام ومنه المدينة. - (ت) في الزهد من حديث يحيى بن عبيد اللّه ابن عبد اللّه بن موهب عن أبيه (عن أبي هريرة) وضعفه المنذري وقال الذهبي: يحيى ضعفوه ووالده قال أحمد: له مناكير اهـ. وقال الديلمي: منكر الحديث. 7988 - (ما من أحد يحدث في هذه الأمة حدثاً لم يكن) أي لم يشهد له أصل من أصول الشريعة ولم يدخل تحت قوانينها (فيموت حتى يصيبه ذلك) أي وباله. - (طب عن ابن عباس) قال الهيثمي: رجاله رجال الصحيح غير مسلمة بن سيس وثقه ابن حبان. 7989 - (ما من أحد يدخله اللّه الجنة إلا زوجه ثنتين وسبعين زوجة) أي جعلهن زوجات له وقيل قرنه بهن من غير عقد تزويج (ثنتين من الحور العين وسبعين من ميراثه من أهل النار) قال هشام أحد رواته: يعني رجالاً دخلوا النار فورث أهل الجنة نساءهم كما ورثت امرأة فرعون. وأخذ منه أن اللّه أعد لكل واحد من الخلق زوجتين فمن حرم ذلك بدخوله النار من أهلها وزعت زوجاتهم على أهل الجنة كما توزع المنازل التي أعدت في الجنة لمن دخل النار من أهلها كما يوضحه خبر ما من أحد إلا وله منزلان منزل في الجنة ومنزل في النار فإذا مات ودخل النار ورث أهل الجنة منزليه فذلك قوله - (ه عن أبي أمامة) الباهلي قال الدميري: انفرد به ابن ماجه أي وفيه خالد بن يزيد وهاه ابن معين مرة وكذبه أخرى وساق الذهبي من مناكيره هذا الخبر وقال ابن حجر: هذا الحديث سنده ضعيف جداً. 7990 - (ما من أحد يؤمر على عشرة) أي يجعل أميراً عليها (فصاعداً) أي فما فوقها (إلا جاء يوم القيامة في الأصفاد والأغلال) حتى يفكه عدله أو يوبقه جوره هكذا جاء في رواية أخرى وكتب عمر بن عبد العزيز إلى بعض عماله أما بعد فقد أمكنتك القدرة من ظلم العباد فإذا هممت بظلم أحد فاذكر قدرة اللّه عليك واعلم أنك لا تأتي الناس شيئاً إلا كان زائلاً عنهم باقياً عليك واللّه آخذ للمظلوم من الظالم والسلام. - (ك) في الأحكام (عن أبي هريرة) وقال: صحيح وأقره عليه الذهبي. 7991 - (ما من أحد يكون على شيء من أمور هذه الأمة فلا يعدل فيهم إلا كبه اللّه تعالى في النار) أي صرعه وألقاه فيها على وجهه، وهذا وعيد شديد يفيد أن جور القاضي وغيره كبيرة قال الذهبي: وإذا اجتمع في القاضي قلة علم وسوء قصد وأخلاق زعرة فقد تمت خسارته ولزمه عزل نفسه ليخلص من النار. - (ك) في الأحكام (عن معقل بن سنان) الأشجعي شهد الفتح حاملاً لواء قومه قتل يوم الحرة صبراً قال الحاكم: صحيح وأقره الذهبي في التلخيص وقال في الكبائر: إسناده قوي. 7992 - (ما من أحد إلا وفي رأسه عروق من الجذام تنقر) أي تتحرك وتعلو وتهيج (فإذا هاج سلط اللّه عليه الزكام فلا تداووا له) أي للزكام وفيه خبر رواه ابن عدي والبيهقي وضعفاه عن أنس مرفوعاً لا تكرهوا أربعة فإنها لأربعة لا تكرهوا الرمد فإنه يقطع عروق العمى ولا تكرهوا الزكام فإنه يقطع عروق الجذام ولا تكرهوا السعال فإنه يقطع عروق الفالج ولا تكرهوا الدماميل فإنها تقطع عروق البرص. - (ك) في الطب (عن عائشة) كذا أورده الحاكم في المستدرك وتعقبه الذهبي فقال: قلت كأنه موضوع وفيه عبد الرحمن الكديمي متهم بالوضع اهـ وسبقه ابن الجوزي فحكم بوضعه وسلمه المؤلف في مختصر الموضوعات فإنه لم يتعقبه إلا بأن الحاكم خرجه وأن الذهبي تعقبه بأنه موضوع وسكت على ذلك. 7993 - (ما من أحد يلبس ثوباً ليباهي به) أي يفاخر به (فينظر الناس إليه إلا لم ينظر اللّه إليه حتى ينزعه متى ما نزعه) أي [ص 470] وإن طال لبسه إياه طال إعراض اللّه عنه والمراد بالثوب ما يشمل العمامة والإزار وغيرهما. - (طب عن أم سلمة) وضعفه المنذري قال الهيثمي: فيه عبد الخالق بن زيد بن واقد وهو ضعيف وبه عرف ما في رمز المؤلف لحسنه 7994 - (ما من أحد من أصحابي يموت بأرض إلا بعث قائداً) أي بعث ذلك الشخص من أصحابي قائداً لأهل تلك الأرض إلى الجنة (ونوراً لهم يوم القيامة) يسعى بين أيديهم فهم يمشون في ضوئه، وإطلاقه شامل للذكر والأنثى ولمن عرف به بطول الصحبة له والملازمة وغيره وهذا قد عده بعضهم من خصائصه. - (ت) في المناقب (والضياء) في المختارة (عن بريدة) قال الترمذي: غريب وإرساله أصح. 7995 - (ما من أحد من أصحابي) وفي رواية ما منكم من أحد (إلا ولو شئت لأخذت عليه في بعض خلقه) بالضم (غير أبي عبيدة) عامر (بن الجراح) قد كشف بهذا الحديث عن سر كونه أمين هذه الأمة فبين أن أبا عبيدة إنما ظفر بهذه الخصلة حتى صار واحد هذه الأمة في الأمانة بما أخبر به هنا من طهارة خلقه ويخرج من ذلك أن الأمانة من حسن الخلق والخيانة من سوء الخلق. - (ك) في الفضائل (عن الحسن) البصري (مرسلاً) ظاهره أنه لا علة فيه غير الإرسال وليس كذلك ففيه مبارك بن فضالة أورده الذهبي في الضعفاء وقال: ضعفه أحمد والنسائي. 7996 - (ما من إمام أو وال) يلي من أمور الناس شيئاً وفي رواية ما من إمام ولا وال (يغلق بابه دون ذوي الحاجة والخلة) بفتح المعجمة (والمسكنة) أي يمنعهم من الولوج عليه وعرض أحوالهم عليه ويترفع عن استماع كلامهم (إلا أغلق اللّه أبواب السماء دون خلته وحاجته ومسكنته) يعنى منعه عما يبتغيه وحجب عنه دعاءه من الصعود إليه جزاء وفاقاً، قال ابن حجر: فيه وعيد شديد لمن كان حاكماً بين الناس فاحتجب لغير عذر لما فيه من تأخير إيصال الحقوق أو تضييعها والفرق بين الحاجة والخلة والفقر أن الحاجة ما يهتم به الإنسان وإن لم يبلغ حد الضرورة بحيث لو لم يحصل لاختل أمره، والخلة ما كان كذلك مأخوذ من الخلل لكن ربما يبلغ حد الاضطرار بحيث لو فقد لامتنع التعيش، والفقر هو الاضطرار إلى ما لا يمكن التعيش دونه مأخوذ من الفقار كأنه كسر فقاره ولذلك فسر الفقير بأنه الذي لا شيء له، ذكره القاضي. - (حم ت) في الأحكام (عن عمرو بن مرة) بضم الميم ضد حلوة الجهني له صحبة مات زمن عبد الملك ورواه عنه أيضاً الحاكم وقال: صحيح الإسناد وأقروه ومن ثم رمز المؤلف لحسنه. 7997 - (ما من أحد) إمام (يعفو عند الغضب إلا عفا اللّه عنه يوم القيامة) أي تجاوز عن ذنوبه مكافأة له على إحسانه لخلقه بكظم الغضب عند غلبته. - (ابن أبي الدنيا) أبو بكر القرشي (في) كتاب (ذم الغضب عن مكحول مرسلاً). 7998 - (ما من أمة إلا وبعضها في النار وبعضها في الجنة إلا أمتي فإنها كلها في الجنة) قال المظهر: هذا مشكل إذ مفهومه [ص 471] أن لا يعذب أحد من أمته حتى أهل الكبائر وقد ورد أنهم يعذبون إلا أنه يؤول بأنه أراد بأمته هنا من اقتدى به كما ينبغي واختصاصهم من بين الأمم بعناية اللّه ورحمته وأن المصائب في الدنيا مكفرة لهم. - (خط) في ترجمة عبد اللّه بن أبي مزاحم (عن ابن عمر) بن الخطاب وفيه أحمد بن محمد بن الحجاج البغدادي قال ابن الجوزي عن ابن عدي: كذبوه ورواه عنه أيضاً الطبراني في الأوسط والصغير قال الهيثمي: أحمد بن محمد بن الحجاج ضعيف. 7999 - (ما من أمة) أي جماعة (ابتدعت بعد نبيها في دينها) أي أحدثت فيه ما ليس منه (بدعة إلا أضاعت مثلها من السنة). - (طب عن غضيف) بغين وضاد معجمتين مصغراً قال المنذري: سنده ضعيف وقال غيره: فيه محمد بن عبد الرحيم ضعفه الدارقطني وشريح بن النعمان قال أبو حاتم: شبه المجهول. 8000 - (ما من امرئ يحيي أرضاً فيشرب منها كبد حرى أو يصيب منها عافية) جمعها عوافي والعافي كل طالب رزق من إنسان أو بهيمة أو طير (إلا كتب اللّه له بها أجراً). - (طب) وكذا في الأوسط (عن أم سلمة) زوجة النبي صلى اللّه عليه وسلم قال الهيثمي: فيه موسى بن يعقوب الزمعي وثقه ابن معين وابن حبان وضعفه ابن المديني وقد رمز لحسنه. 8001 - (ما من امرئ مسلم ينقي لفرسه شعيراً) أو نحوه مما يأكله الخيل (ثم يعلقه عليه إلا كتب اللّه له بكل حبة منه حسنة). - (حم هب عن تميم) الداري وفيه إسماعيل بن عياش أورده الذهبي في الضعفاء وقال: ليس بالقوي وفي الكاشف أن أبا حاتم لينه وشرحبيل بن مسلم ضعفه ابن معين. 8002 - (ما من امرئ يخذل) بذال معجمة مضمومة قال تعالى - (حم د) في الأدب (والضياء) المقدسي في المختارة (عن جابر) بن عبد اللّه (و) عن (أبي طلحة بن سهل) قال المنذري: اختلف في إسناده وقال الهيثمي: حديث جابر سنده حسن. 8003 - (ما من امرئ مسلم تحضره صلاة مكتوبة) أي يدخل وقتها وهو من أهل الوجوب قال القاضي: المكتوبة المفروضة من كتب كتاباً إذ فرض وهو مجاز من الكتبة فإن الحاكم إذا كتب شيئاً على أحد كان ذلك حكماً وإلزاماً (فيحسن وضوءها وخشوعها وركوعها) أي وسائر أركانها بأن أتى بكل من ذلك على أكمل هيئاته من فرض وسنة قال القاضي: إحسان الوضوء الإتيان بفرائضه وسننه وخشوع الصلاة الإخبات فيها بانكسار الجوارح وإخباتها أن تأتي بكل ركن على وجه أكثر تواضعاً وخضوعاً وتخصيص الركوع بالذكر تنبيه على إنافته على غيره وتحريض عليه فإنه من خصائص صلاة المسلمين (إلا كانت) تلك الصلاة (كفارة لما قبلها من الذنوب ما لم تؤت كبيرة) أي لم يعمل بها ولفظ رواية مسلم ما لم يؤت بكسر التاء من الإيتاء على بناء الفاعل والأكثر ما لم تؤت بالبناء للمفعول وكان الفاعل يعطى العمل أو يعطيه الداعي له والمحرض عليه أو الممكن منه، ذكره القاضي، والمراد بها تكون مكفرة لذنوبه الصغائر لا الكبائر فإنها لا تغفر بذلك وليس المراد أن الذنوب تغفر ما لم تكن كبيرة فإن كانت لا يغفر شيء (وذلك الدهر كله) قال القاضي: الإشارة إلى التكفير أي لو كان يأتي بالصغائر كل يوم ويؤدي الفرائض كما لا يكفر كل فرض ما قبله من الذنوب أو إلى ما قبلها أي المكتوبة تكفر ما قبلها ولو كانت ذنوب العمر كله والدهر منصوب على الظرف وكله تأكيد له فإن صدر منه مكفرات لجماعة وموافقة تأمين وصوم عاشوراء ونحو ذلك ولم يجد صغيرة يكفرها فالرجا أنه يخفف من الكبائر فإن لم تكن كبيرة رفع بها درجة. - (م) في الطهارة (عن عثمان) بن عفان وتفرد بهذا اللفظ عن البخاري كما قاله الصدر المناوي. 8004 - (ما من امرئ تكون له صلاة بالليل فغلبه عليها النوم إلا كتب اللّه تعالى له أجر صلاته وكان نومه عليه صدقة) مكافأة له على نيته، قالوا: وهذا فيمن تعود ذلك الورد ووقع له عليه النوم أحياناً. - (د ن عن عائشة) قال الحافظ العراقي: فيه رجل لم يسم وسماه النسائي في روايته الأسود بن يزيد لكن في طريقه أبو جعفر الرازي قال النسائي: ليس بقوي ورواه النسائي وابن ماجه من حديث أبي الدرداء نحوه بسند صحيح اهـ. وبه يعرف أن على المصنف ملامين أحدهما عدوله عن الطريق الصحيحة إلى طريق فيها مقال، الثاني سكوته على الحديث وعدم إشارته إلى حاله بالرمز. 8005 - (ما من امرئ يقرأ القرآن) يحتمل بحفظه عن ظهر قلب ويحتمل يتعود قراءته نظراً في المصحف أو تلقيناً ويدل للأول بل يعنيه قوله (ثم ينساه إلا لقى اللّه يوم القيامة) وهو (أجذم) بذال معجمة أي مقطوع اليد كذا قال أبو عبيد، واعترض بأن تخصيص العقوبة باليد لا يناسب هذه الخطيئة وفسره غيره بالأجذم الذي تساقطت أطرافه بالجذام قال القاضي: والأول أظهر وأشهر استعمالاً ولعل أنه أجذم الحجة أي منقطعها لا يجد ما يتمسك به [ص 473] في نسيانه ويتشبث به في يده فإن القرآن سبب أحد طرفيه بيد اللّه والأخرى بأيدي العباد فمن تركه انقطع عن يده فصارت مقطوعة وقد يكنى بعدم اليد عن عدم الحجة والمراد خال اليد من الخير صفرها من الثواب فكنى باليد عما تحويه وتشتمل عليه وذلك لأن من نسيه فقد قطع سببه. - (د) في الصلاة من حديث عيسى بن قائد (عن سعد بن عبادة) سيد الخزرج رمز لحسنه قال ابن القطان وغيره: فيه يزيد بن أبي زياد لا يحتج به وعيسى بن قائد مجهول الحال ولا يعرف روى عنه غير يزيد هذا وقال ابن أبي حاتم: لم يثبت سماعه عن سعد ولم يدركه قال المناوي: فهو على هذا منقطع أيضاً. 8006 - (ما من أمير عشرة) أي فما فوقها كما تدل له الرواية المارة (إلا وهو يؤتى به يوم القيامة) للحساب (ويده مغلولة) أي والحال أن يده مشدودة إلى عنقه حتى يفكه العدل (أو يوتغه) أي يهلكه (الجور) عطف على يفك فيكون غاية قوله يؤتى به يوم القيامة إلخ أي لم يزل كذلك حتى يحله العدل أو يهلكه الظلم أي لا يفكه من الغل إلا الهلاك بمعنى أنه يرى بعد الفك ما الغل في جنبه السلامة كما قال تعالى - (هق عن أبي هريرة) رمز المصنف لحسنه وهو غير مسلم فقد قال الحافظ الذهبي في المهذب: فيه عبد اللّه بن محمد عن أبيه وهو واه اهـ ورواه عنه أيضاً باللفظ المزبور البزار والطبراني في الأوسط قال المنذري: ورجال البزار رجال الصحيح اهـ فانعكس على المؤلف فآثر الرواية الضعيفة الواهية واقتصر عليها تاركاً للإسناد الصحيح. 8007 - (ما من أمير عشرة) أي فصاعداً (إلا يؤتى به يوم القيامة ويده مغلولة إلى عنقه) زاد في رواية أحمد لا يفكه من ذلك الغل إلا العدل قال ابن بطال: هذا وعيد شديد على دلالة الجور فمن ضيع من استرعاه أو خانه أو ظلمه فقد توجه إليه الطلب بمظالم العباد يوم القيامة فكيف يقدر على التحلل من ظلم أمة عظيمة. - (هق عن أبي هريرة) رمز المصنف لحسنه وهو كما قال فقد قال في المهذب: إسناده حسن وقال في موضع آخر: حديث جيد ولم يخرجوه. 8008 - (ما من أمير يؤمر على عشرة إلا سئل عنهم يوم القيامة) هل عدل فيهم أو جار ويجازى بما فعل إن خيراً فخير وإن شراً فشر إن لم يدركه العفو. - (طب عن ابن عباس) قال الهيثمي: فيه رشدين بن كريب وهو ضعيف اهـ. فرمز المؤلف لحسنه لا يحسن ورواه أحمد عن أبي هريرة بلفظ ما من أمير عشرة إلا يؤتى به يوم القيامة مغلولاً لا يفكه إلا العدل قال الهيثمي: رجاله رجال الصحيح. 8009 - (ما من أهل بيت عندهم شاة إلا في بيتهم بركة) أي زيادة خير وهو الرزق. - (ابن سعد) في طبقاته (عن أبي الهيثم) بفتح الهاء وسكون التحتية وفتح المثلثة (ابن التيهان) الأنصاري الأوسي اسمه مالك وهو أحد النقباء. 8010 - (ما من أهل بيت تروح عليهم ثلة) بفتح المثلثة وشد اللام جماعة (من الغنم إلا باتت الملائكة تصلي عليهم حتى تصبح) [ص 474] أي تستغفر لهم حتى تصبح أي يدخلوا في الصباح وهذا كل ليلة. - (ابن سعد) في الطبقات (عن أبي ثفال) بكسر المثلثة بعدها فاء المري بضم الميم ثم راء مشهور بكنيته واسمه ثمامة (عن خالد) رضي اللّه عنه. 8011 - (ما من أهل بيت يغدو عليهم فدان) بالتشديد آلة الحرث وثورين يحرث عليهما في قران جمعه فدادين وقد يخفف (إلا ذلوا) فقل ما خلوا عن مطالبة الولاة بخراج أو عشر فمن أدخل نفسه في ذلك فقد عرضها للذل فلا فرق بين كونه عاملاً بنفسه أو غيره وليس هذا ذماً للزراعة فإنها محمودة مثاب عليها لكثرة أكل العوافي منها إذ لا تلازم بين ذل الدنيا وحرمان ثواب العقبى. - (طب عن أبي أمامة) الباهلي قال: قال ذلك لما رأى شيئاً من آلة الحرث، قال الهيثمي: وفيه امرأتان لم أعرفهما وبقية رجاله ثقات. 8012 - (ما من أهل بيت واصلوا) الصوم بأن لم يتعاطوا مفطراً بين اليومين ليلاً (إلا أجرى اللّه تعالى عليهم الرزق وكانوا في كنف اللّه تعالى) أخذ بظاهره من ذهب إلى حل الوصال وللمانعين كالشافعي أن يقولوا ليس المراد الوصال بالصوم بل يحتمل أن المراد عدم الأكل في يومين والليلة التي بينهما لعدم وجود القوت عندهم وعجزهم عنه وإذا تطرق الاحتمال سقط الاستدلال. - (طب عن ابن عباس) قال الهيثمي: فيه عبيد اللّه بن الوليد الوصافي وهو ضعيف. 8013 - (ما من أيام أحب إلى اللّه أن يتعبد له فيها) أي لأن يتعبد بتأويل المصدر فاعل أحب، ذكره بعضهم، وقال الطيبي: الأولى جعل أحب خبر ما وأن يتعبد متعلق بأحب بحذف الجار فيكون المعنى ما من الأيام أحب إلى اللّه لأن يتعبد له فيها (من عشر ذي الحجة يعدل صيام كل يوم منها بصيام سنة) أي ليس فيها عشر ذي الحجة (وقيام كل ليلة منها بقيام ليلة القدر) ومن ثم كان يصوم تسع ذي الحجة ويوم عاشوارء كما رواه أحمد وغيره ولفظ كان يفيد الدوام عند كثير من الأعلام وأما خبر مسلم عن عائشة لم ير رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم صائماً العشر قط وخبرها ما رأيته صامه فلا يلزم منه عدم صيامه فإنه كان يقسم لتسع فلم يصمه عندها وصامه عند غيرها كذا ذكره جمع وأقول: ولا يخفى ما فيه إذ يبعد كل البعد أن يلازم في عدة سنين عدم صومه في نوبتها دون غيرها فالجواب الحاسم لعرق الشبهة أن يقال المثبت مقدم على النافي على القاعدة المقررة عندهم، وزعم بعض أهل الكمال أن الرواية في خبر عائشة يُر بمثناة تحتية وبنائه للمجهول ثم إن هذا الحديث عورض بخبر البخاري وغيره ما العمل في أيام أفضل منها في هذه يعني أيام التشريق وخبر ما العمل في أيام العشر أفضل من العمل في هذه أي أيام التشريق وهذا يقتضي نفي أفضلية العمل في أيام التشريق على العمل في هذه الأيام وأجيب بأن الشيء يشرف بمجاورته للشيء الشريف وأيام التشريق تقع تلو أيام العشر وقد ثبتت الفضيلة لأيام العشر بهذا الحديث فثبتت به الفضيلة لأيام التشريق بالمجاورة وبأن عشر الحجة إنما شرف بوقوع أعمال الحج فيه وبقية أعمال الحج تقع في أيام التشريق كالرمي والطواف فاشترك الكل في أصل الفضل ولذلك اشتركا في التكبير وبأن بعض أيام التشريق هو بعض أيام العشر وهو يوم العيد فكما أنه خاتمة أيام العشر فهو مفتتح أيام التشريق فمهما ثبت لأيام العشر من الفضل شاركته فيه أيام التشريق لأن يوم العيد بعض كل منهما بل رأس كل منهما وشريفه وعظيمه، وهو يوم الحج الأكبر. - (ت ه) في الصوم (عن أبي هريرة) قال الترمذي: غريب لا نعرفه إلا من حديث مسعود بن واصل عن النهاس وسألت عنه محمداً يعني البخاري فلم يعرفه اهـ. قال المناوي وغيره: والنهاس ضعفوه [ص 475] فالحديث معلول، وقال ابن الجوزي: حديث لا يصح تفرد به مسعود بن واصل عن النهاس ومسعود ضعفه أبو داود والنهاس قال القطان: متروك وابن عدي: لا يساوي شيئاً وابن حبان: لا يحل الاحتجاج به وأورده في الميزان من مناكير مسعود عن النهاس وقال: مسعود ضعفه الطيالسي والنهاس فيه ضعف. 8014 - (ما من بعير إلا وفي ذروته شيطان فإذا ركبتموها) أي الإبل (فاذكروا نعمة اللّه تعالى عليكم كما أمركم اللّه) في القرآن (ثم امتهنوها لأنفسكم فإنما يحمل اللّه عز وجل) فلا تنظروا إلى ظاهر هزالها وعجزها. - (حم ك عن أبي لاس الخزاعي) كذا في بعض الأصول وفي بعضها لاحق قال: حملنا رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم على إبل الصدقة فقلنا: ما نرى أن تحملنا هذه فذكره. قال الهيثمي: رواه أحمد والطبراني بأسانيد رجال أحدهما صحيح غير محمد بن إسحاق وقد صرح بالسماع في أحدهما. 8015 - (ما من بقعة) أي قطعة من الأرض (يذكر اسم اللّه فيها إلا استبشرت بذكر اللّه إلى منتهاها من سبع أرضين) فيه أن الأرضين سبع كالسماوات ورد على من أنكر ذلك (وإلا فخرت) من الفخار وهو المباهاة والتمدح بالخصال وفخر كمنع فضله عليه في الفخر وأفخره عليه (على ما حولها من بقاع الأرض وإن المؤمن إذا أراد الصلاة من الأرض تزخرفت له) أي تزينت له (الأرض) لكنه لا يبصره لانطماس بصيرته لغلبة الصدأ على قلبه ومتانة الحجاب - (أبو الشيخ [ابن حبان]) ابن حبان (في) كتاب (العظمة عن أنس) بن مالك ظاهره أنه لا يوجد لأحد المشاهير الذين وضع لهم الرموز، والأمر بخلافه فقد رواه أبو يعلى والبيهقي في الشعب باللفظ المزبور. قال الهيثمي: وفيه موسى بن عبيدة الربذي وهو ضعيف ورواه الطبراني أيضاً بسند ضعيف. 8016 - (ما من بني آدم مولود إلا يمسه) في رواية إلا ينخسه (الشيطان) أي يطعنه بأصبعه في جنبه. قال الطيبي: يحتمل أن تكون ما بمعنى ليس بطل عملها لتقديم الخبر على المبتدأ وإلا لغو لأن الاستثناء مفرغ والاستثناء حال من الضمير المستتر في الظرف (حين يولد فيستهل) أي يرفع المولود صوته (صارخاً) أي باكياً. الصراخ الصوت، والمراد هنا البكاء أي فسبب صراخه أول ما يولد (من) ألم (مس الشيطان) بأصبعه حالتئذ وهذا مطرد في كل مولود (غير مريم) بنت عمران الصديقة بنص القرآن (وابنها) روح اللّه عيسى فإنه ذهب ليطعن فطعن في الحجاب الذي في المشيمة وهذا الطعن ابتداء التسلط فحفظ منه مريم وابنها ببركة قول أمها <فائدة> أخرج عبد الرزاق في مصنفه عن وهب لما ولد عيسى أتت الشياطين إبليس فقالوا: أصبحت الأصنام قد نكست رؤوسها فقال: هذا حادث حدث مكانكم فطار حتى جاب خافقي الأرض فلم ير شيئاً ثم جاب البحار فلم يقدر على شيء ثم طاف أيضاً فوجد عيسى قد ولد عند مدود حمار وإذا الملائكة قد حفت حوله فرجع إليهم فقال: إن نبياً ولد البارحة ما ولدت أنثى قط ولا وضعت إلا وأنا بحضرتها إلا هذا فأيسوا أن يعبدوا الأصنام ولكن ائتوا بني آدم من قبل الخفة والعجلة. - (خ عن أبي هريرة) ظاهره أن ذا مما تفرد به البخاري عن صاحبه والأمر بخلافه بل البخاري رواه وحده في التفسير ورواه هو ومسلم في أحاديث الأنبياء. 8017 - (ما من ثلاثة في قرية ولا بلد ولا تقام فيهم الجماعة إلا استحوذ عليهم الشيطان) أي استولى عليهم وجرهم إليه (فعليكم بالجماعة) أي الزموها (فإنما يأكل الذئب) الشاة (القاصية) أي المنفردة عن القطيع فإن الشيطان مسلط على مفارق الجماعة. قال الطيبي: هذا من الخطاب العام الذي لا يختص بسامع دون آخر تفخيماً للأمر، شبه من فارق الجماعة التي يد اللّه عليهم ثم هلاكه في أودية الضلال المؤدية إلى النار بسبب تسويل الشيطان بشاة منفردة عن القطيع بعيدة عن نظر الراعي ثم تسلط الذئب عليها وجعلها فريسة له. - (حم ن ه حب ك عن أبي الدرداء) سكت عليها أبو داود والمنذري. 8018 - (ما من جرعة أعظم أجراً عند اللّه من جرعة غيظ كظمها عبد ابتغاء وجه اللّه) في الأساس كظم القربة ملأها وسد رأسها وكظم الباب سده ومن المجاز كظم الغيظ وعلى الغيظ اهـ. قال الطيبي: يريد أنه استعارة من كظم القربة وقوله من جرعة غيظ استعارة أخرى كالترشيح لها. - (ن عن ابن عمر) بن الخطاب. قال الحافظ العراقي: إسناده جيد. 8019 - (ما من جرعة أحب إلى اللّه من جرعة غيظ يكظمها عبد، ما كظمها عبد إلا ملأ اللّه جوفه إيماناً) شبه جرع غيظه وردّه إلى باطنه بتجرع الماء وهي أحب جرعة يتجرعها العبد وأعظمها ثواباً وأرفعها درجة كحبس نفسه من التشفي ولا يحصل هذا الحب إلا بكونه قادراً على الانتقام ويكن غضبه للّه بنية سلامة دينه ونيل ثوابه. - (ابن أبي الدنيا) أبو بكر القرشي (في) كتاب (ذم الغضب عن ابن عباس) قال الحافظ العراقي: وفيه ضعف ورواه ابن ماجه عن ابن عمر بلفظ ما من جرعة أعظم أجراً عند اللّه من جرعة غيظ كظمها عبد ابتغاء وجه اللّه. قال المنذري: رواته محتج بهم في الصحيح. 8020 - (ما من حافظين رفعا إلى اللّه ما حفظا فيرى في أول الصحيفة خيراً وفي آخرها خيراً) لفظ رواية البزار استغفاراً بدل خيراً في الموضعين (إلا قال لملائكته اشهدوا أني قد غفرت لعبدي ما بين طرفي الصحيفة) من السيئات، وأخذ منه [ص 477] ابن رجب ندب وصل صوم الحجة بالمحرم لأنه قد يكون ختم السنة بالطاعة وافتتحها بالطاعة فيرجى أن تكتب له السنة كلها طاعة ويغفر له ما بين ذلك فإن من كان أول عمله طاعة وآخره طاعة فهو في حكم من استغرق بالطاعة ما بين العملين. - (ع) وكذا البزار والبيهقي (عن أنس) بن مالك قال ابن الجوزي في العلل: حديث لا يصح وقال الهيثمي: فيه تمام بن نجيح وثقه ابن معين وضعفه البخاري وبقية رجاله رجال الصحيح اهـ. 8021 - (ما من حافظين يرفعان إلى اللّه تعالى بصلاة رجل) الباء زائدة وذكر الرجل وصف طردي والمراد الإنسان ولو أنثى (مع صلاة إلا قال اللّه أشهدكما أني قد غفرت لعبدي ما بينهما) أي من الصغائر لا الكبائر كما دلت عليه أخبار أخر. - (هب عن أنس) بن مالك. 8022 - (ما من حاكم) نكرة في سياق النفي ومن مزيدة للاستغراق فيعم العادل والظالم (يحكم بين الناس إلا يحشر يوم القيامة وملك آخذ بقفاه حتى يوقفه على جهنم ثم يرفع رأسه إلى اللّه) وفي رواية إلى السماء. قال الطيبي: هذا يدل على كونه مقهوراً في يده كمن رفع رأس الغل مقمحاً - (حم هق) وكذا في الشعب (عن ابن مسعود) وفيه أحمد بن الخليل فإن كان هو البغدادي فقد قال الذهبي: ضعفه الدارقطني وإن كان القومسي فقد قال أبو حاتم: كذاب، وقضية صنيع المؤلف أن هذا مما لم يتعرض أحد من الستة لتخريجه وهو غفلة فقد خرجه ابن ماجه باللفظ المزبور عن ابن مسعود المذكور قال المندري: وفيه عنده مجالد بن سعيد وقد مر ما فيه. 8023 - (ما من حالة يكون عليها العبد أحب إلى اللّه تعالى من أن يراه ساجداً يعفر) أي يمرغ (وجهه في التراب) لأن حالة السجود حالة خضوع وذل وانكسار أنف ممن أنف من أهل الجاهلية ممن لم يرد اللّه هدايته، والسجود أول عبادة أمر اللّه بها بعد خلق آدم فكان المتقرب بها إلى اللّه أقرب منه إليه في غيره من الأحوال لا سيما في نصف الليل لأنه وقت خصه اللّه بالتنزيل فيه فيتفضل على عباده بإجابة دعائهم وإعطاء سؤالهم وغفران ذنوبهم وهو وقت غفلة وخلوة واستغراق في النوم واستلذاذ له، وقد عورض هذا الحديث بحديث أفضل الصلاة طول القنوت قال ابن حجر: والذي يظهر أن ذلك يختلف باختلاف الأشخاص والأحوال وبه يزول التعارض والإشكال. - (طس) من [ص 478] طريق عثمان بن القاسم عن أبيه (عن حذيفة) وقال: تفرد به عثمان وقال الهيثمي: وعثمان ذكره ابن حبان في الثقات ولم يعرف من نسبه وأبوه لا أعرفه. 8024 - (ما من خارج خرج من بيته في طلب العلم) أي الشرعي بقصد التقرب إلى اللّه تعالى (إلا وضعت له الملائكة أجنحتها رضاً بما يصنع حتى يرجع) قال حجة الإسلام: هذا إذا خرج إلى طلب العلم النافع في الدين دون الفضول الذي أكب الناس عليه وسموه علماً. والعلم النافع ما يزيد في خوفك من اللّه ويزيد في بصيرتك بعيوب نفسك وآفات عملك وزهدك في الدنيا فإن دعتك نفسك إلى الخروج في طلب العلم لغير ذلك فاعلم أن الشيطان قد دس في قلبك الداء الدفين وهو حب المال والجاه فإياك أن تغتر به فتكون ضحكة له فتهلك ثم يسخر بك. - (حم ه حب ك عن صفوان بن عسال) المرادي قال: أتيت المصطفى صلى اللّه عليه وسلم فقال: ما جاء بك قلت: أنيط العلم أي أطلبه وأستخرجه قال فذكره. قال المنذري: جيد الإسناد. 8025 - (ما من دابة طائر ولا غيره يقتل بغير حق إلا سيخاصمه) أي سيخاصم قاتله (يوم القيامة) أي ويقتص له منه. - (طب عن ابن عمرو) بن العاص. 8026 - (ما من دعاء أحب إلى اللّه تعالى من أن يقول العبد اللّهم ارحم أمة محمد) المراد هنا أمة الإجابة (رحمة عامة) أي للدنيا والآخرة أو للمرحومين والمراد بأمته هنا من اقتدى به وكان له باقتفاء آثاره مزيد اختصاص فلا ينافي أن البعض يعذب قطعاً. - (خط عن أبي هريرة) وفيه عبد الرحمن بن يحيى بن سعيد الأنصاري. قال الذهبي في الضعفاء: لا يعرف، وفي الميزان: كأنه موضوع. 8027 - (ما من دعوة يدعو بها العبد أفضل من قول اللّهم إني أسألك المعافاة في الدنيا والآخرة). - (ه عن أبي هريرة) قال المنذري: إسناده جيد وقال غيره: رواته ثقات ورواه الطبراني عن معاذ بلفظ ما من دعوة أحب إلى اللّه أن يدعو بها عبد من أن يقول اللّهم إني أسألك المعافاة والعافية في الدنيا والآخرة قال الهيثمي: رجاله رجال الصحيح غير المعلى بن زياد وهو لم يسمع من معاذ. 8028 - (ما من ذنب أجدر) بسكون الجيم أحق والذي رأيته في أصول صحيحة من الأدب المفرد بدل أجدر أحرى (أن يعجل اللّه لصاحبه العقوبة في الدنيا مع ما يدخر له في الآخرة من البغي وقطيعة الرحم) لأن البغي من الكبر وقطيعة الرحم من الاقتطاع من الرحمة والرحم القرابة ولو غير محرم بنحو إيذاء أو صد أن هجر فإنه كبير كما يفيده هذا الوعيد الشديد أما قطيعتها بترك الإحسان فليس بكبير قال الحليمي: بين بهذا الخبر أن الدعاء بما فيه إثم غير جائز لأنه جرأة على اللّه ويدخل فيه ما لو دعا بشر على من لا يستحقه أو على نحو بهيمة وقال في الإنحاف: فيه تنبيه على أن البلاء بسبب القطيعة في الدنيا لا يدفع بلاء الآخرة ولو لم يكن إلا حرمان مرتبة الواصلين. - (حم خد د ت ه حب ك) في التفسير (عن أبي [ص 479] بكرة) قال: صحيح وأقره الذهبي ورواه عنه الطبراني أيضاً وزاد حتى أن أهل البيت ليكونوا فجرة فتنمو أموالهم ويكثر عددهم إذا تواصلوا. 8029 - (ما من ذنب أجدر أن يعجل اللّه لصاحبه العقوبة في الدنيا مع ما يدخر له في الآخرة من قطيعة الرحم والخيانة) في كيل أو وزن أو غيرهما (والكذب) الذي لغير مصلحة (وإن أعجل الطاعة ثواباً صلة الرحم) وحقيقة الصلة العطف والرحمة (حتى أن أهل البيت ليكونوا فجرة فتنمو أموالهم ويكثر عددهم إذا تواصلوا) لأن أصل الرحمات شجنة معلقة بالعرش فأنزل اللّه تعالى منها رحمة واحدة قسمها بين خلقه يترأفون بها ويتعاطفون بها فمن قطعها فقد انقطع من رأفة اللّه فلذلك تعجلت عقوبته في الدنيا ومن ثم قيل أعجل البر صلة الرحم وأسرع الشر عقاباً الكذب وقطيعة الرحم لأن الأمانة في الأقوال كالأفعال معلقة بالإيمان وقطيعة الرحم من الانقطاع من الرحمة المعلقة بالعرش. - (طب عن أبي بكرة) رمزه لحسنه قال الهيثمي: رواه عن شيخه عبد اللّه بن موسى بن أبي عثمان الأنطاكي ولم أعرفه وبقية رجاله ثقات. 8030 - (ما من ذنب بعد الشرك أعظم عند اللّه من نطفة وضعها رجل في رحم لا يحل له) لأن فاعل ذلك قد اجترأ على اللّه يريد أن يفسد في الأنساب بخلط بعض المياه ببعض فيدخل على القوم من ليس منهم. - (ابن أبي الدنيا) أبو بكر القرشي (عن) أبي محمد (الهيثم بن مالك الطائي) الشامي الأعمى قال في التقريب: ثقة من الخامسة وهو صريح في كونه غير صحابي فكان على المصنف أن يقول مرسلاً. 8031 - (ما من ذنب إلا وله عند اللّه توبة إلا سوء الخلق فإنه لا يتوب من ذنب إلا رجع إلى ما هو شر منه) فلا يثبت على توبة أبداً فهو كالمصر. - (أبو الفتح الصابوني في) كتاب (الأربعين) التي جمعها (عن عائشة) قال الزين العراقي: إسناده ضعيف، وقضية تصرف المؤلف أن هذا مما لم يخرجه أحد من المشاهير الذين وضع لهم الرموز وإلا لما أبعد النجعة وهو ذهول فقد خرجه الطبراني عن عائشة بلفظ ما من شيء إلا وله توبة إلا صاحب سوء الخلق فإنه لا يتوب من ذنب إلا عاد في شر منه. 8032 - (ما من ذي غنى) أي صاحب مال (إلا سيود يوم القيامة) أي يحب حباً شديداً (لو كان إنما أوتي من الدنيا قوتاً) وفي رواية كفافاً أي شيئاً يسد رمقه بغير زيادة على ذلك، قيل: سمي قوتاً لحصول القوة منه. وقد احتج بهذا من فضل الفقر على الغنى وقد اتفق الجميع على أن ما أحوج من الفقر مكروه وما أبطر من الغنى مذموم والكفاف حالة متوسطة بين الفقر والغنى وخير الأمور أواسطها ولذلك سأله المصطفى صلى اللّه عليه وسلم بقوله اللّهم اجعل رزق آل محمد قوتاً، ومعلوم أنه لا يسأل إلا أفضل الأحوال والكفاف حالة سليمة من آفات الغنى المطغي وآفات الفقر المدقع الذي كان يتعوذ منهما فهي أفضل منهما قال القرطبي: فعلى هذا فأهل الكفاف هم صدر كتيبة الفقر الداخلين الجنة [ص 480] قبل الأغنياء بخمس مئة عام لأنهم وسطهم والوسط العدل - (هناد) في الزهد وكذا البيهقي في الشعب (عن أنس) بن مالك. فظاهر صنيع المصنف أن هذا مما لم يتعرض أحد الستة لتخريجه وإلا لما عدل عنه وهو عجب فقد خرجه أبو داود عن أنس بلفظ ما من أحد غني ولا فقير إلا ود يوم القيامة أنه كان أوتى من الدنيا قوتاً، قال ابن حجر: وأخرجه ابن ماجه من طريق نفيع وهو ضعيف عن أنس رفعه ما من غني ولا فقير إلا يود يوم القيامة أنه أوتي من الدنيا قوتاً. قال: وهذا حديث لو صح لكان نصاً في المسألة أي في تفضيل الكفاف اهـ وقال العراقي بعد عزوه لأبي داود: فيه نفيع بن الحارث ضعيف وعزاه المنذري لابن ماجه عن أنس وضعفه وأورده في الميزان في ترجمة نفيع وقال: قال النسائي والدارقطني وغيرهما: متروك الحديث وقال ابن الجوزي: حديث لا يصح. 8033 - (ما من راكب يخلو في مسيره باللّه وذكره إلا ردفه ملك) أي ركب معه خلفه (ولا يخلو بشعر ونحوه) كحكايات مضحكة وبحث في علوم غير شرعية وغيبة ونميمة (إلا كان ردفه شيطان) لأن القلب الخالي عن ذكر اللّه محل استقرار الشيطان. وجاء في بعض الأخبار أن قرآن الشيطان الشعر ومؤذنه المزمار والكلام في الشعر المذموم. - (طب عن عقبة بن عامر) الجهني قال المنذري والهيثمي: إسناده حسن. 8034 - (ما من رجل مسلم يموت فيقوم على جنازته أربعون) وفي رواية مئة (رجل لا يشركون باللّه شيئاً) أي لا يجعلون مع اللّه إلهاً آخر وفي رواية ما من ميت يصلي عليه أمة من الأمم المسلمين يبلغون مئة كلهم يشفعون فيه (إلا شفعهم اللّه فيه) أي قبل شفاعتهم في حقه وفي خبر آخر ثلاثة صفوف ولا تعارض إما لأنها أخبار جرت على وفق سؤال السائلين أو لأن أقل الأعداد متأخر ومن عادة اللّه الزيادة في فضله الموعود وأما قول النووي مفهوم العدد غير حجة فرد بأن ذكر العدد حينئذ يصير عبثاً. <تنبيه> قال ابن عربي: اجهد إذا مات لك ميت أن يصلي عليه أربعون فأكثر فإنهم شفعاء له بنص هذا الخبر. مر بعض العرب بجنازة يصلي عليها أمة كثيرة فقال: إنه من أهل الجنة قيل: ولم؟ قال: وأي كريم يأتيه جمع يشفعون عنده في إنسان واحد فيرد شفاعتهم؟ لا واللّه لا يردها أبداً فكيف أكرم الكرماء وأرحم الرحماء؟ فما دعاهم إلا ليشفعوا فيقبل. - (حم م د) في الجنائز (عن ابن عباس) ورواه عنه أيضاً ابن ماجه. 8035 - (ما من رجل يغرس غرساً إلا كتب اللّه له من الأجر قدر ما يخرج من ثمر ذلك الغرس) مقتضاه أن أجر ذلك يستمر ما دام الغرس مأكولاً منه ولو مات غارسه أو انتقل ملكه لغيره قال ابن العربي: في سعة كرم اللّه أن يثيب على ما بعد الحياة كما قبل الحياة. ونقل الطيبي عن محي السنة أن رجلاً مر بأبي الدرداء وهو يغرس جوزة فقال: أتغرس هذه وأنت شيخ كبير وهذه لا تطعم إلا في كذا وكذا عاماً؟ فقال: ما علي أن يكون لي أجرها ويأكل منها غيري؟ والحديث يتناول حتى من غرسه لعياله أو لنفقته لأن الإنسان يثاب على ما غرس له وإن لم ينو ثوابه ولا يختص حصوله بمن [ص 481] يباشر الغراس بل يشمل من استأجر لعمل ذلك ذكره بعض شراح البخاري. - (حم عن أبي أيوب) الأنصاري قال المنذري: رواته محتج بهم في الصحيح إلا الليثي قال الهيثمي: وفيه عبد اللّه بن عبد العزيز الليثي وثقه مالك وسعيد بن منصور وضعفه جماعة وبقية رجاله رجال الصحيح اهـ والمصنف رمز لحسنه. 8036 - (ما من رجل مسلم يصاب في شيء في جسده فيتصدق به إلا رفعه اللّه به درجة وحط عنه به خطيئة) يعني إذا جنى إنسان على آخر فقلع سنه أو قطع يده مثلاً فعفا المستحق عن الجاني لوجه للّه نال هذا الثواب كما يشير إليه سبب الحديث وهو أن رجلاً قلع سن رجل فاستعدى عليه فذكر له ذلك فعفا عنه. - (حم ت ه) كلهم في الديات من حديث أبي السفر (عن أبي الدرداء) قال الترمذي: غريب لا نعرفه إلا من هذا الوجه ولا نعرف لأبي السفر سماعاً من أبي الدرداء. 8037 - (ما من رجل يخرج في جسده جراحة فيتصدق بها إلا كفر اللّه تعالى عنه) من ذنوبه (مثل ما تصدق) به - (حم والضياء) المقدسي (عن عبادة) بن الصامت، قال المنذري والهيثمي: رجاله رجال الصحيح. 8038 - (ما من رجل يعود مريضاً ممسياً إلا خرج معه سبعون ألف ملك يستغفرون له حتى يصبح) أي يدخل في الصباح (ومن أتاه مصبحاُ خرج معه سبعون ألف ملك يستغفرون له حتى يمسي) زاد الحاكم في روايته وكان له خريف في الجنة، وذكر السبعين ألف يحتمل أن المراد به التكثير جداً كما في نظائره، والاستغفار طلب المغفرة من اللّه تعالى له. - (د ك) في الجنائز (عن علي) أمير المؤمنين قال الحاكم مرفوعاً وأبو داود موقوفاً وقد أسند هذا عن علي من غير وجه صحيح عن النبي صلى اللّه عليه وآله وسلم. 8039 - (ما من رجل يلي أمر عشرة فما فوق ذلك إلا أتى اللّه مغلولاً يده إلى عنقه فكه بره أو أوثقه اثمه) قال الطيبي: يده يحتمل أن يكون مرفوعاً بمغلولاً، وإلى عنقه حال وعليه يكون يوم القيامة متعلقاً بمغلولاً ويحتمل أن يكون مبتدأ وإلى عنقه خبره والجملة إما مستأنفة أو حال بعد حال وحينئذ يوم القيامة إما ظرف لأتى وهو الأوجه أو لمغلولاً (أولها) أي الإمارة (ملامة وأوسطها ندامة) إشارة إلى أن من يتصدى للولاية فالغالب كونه غراً غير مجرب للأمور فينظر إلى ملاذها فيجهد في طلبها ثم إذا باشرها ولحقته تبعاتها واستشعر بوخامة عاقبتها ندم (وآخرها خزي يوم القيامة) لما يؤتى به من الأصفاد والأغلال ويوقف على متن الصراط في أسوأ حال. هذا إن قلنا إن القيد يختص بالأخير من [ص 482] الجملة المستأنفة، فإن فلنا باشتراكه تكون الثلاثة يوم القيامة. والأول هنا أولى، ذكره الطيبي. - (حم) وكذا الطبراني (عن أبي أمامة) الباهلي قال المنذري: رواته ثقات إلا يزيد بن أبي مالك. قال الهيثمي: وفيه يزيد بن أبي مالك وثقه ابن حبان وغيره وبقية رجاله ثقات اهـ ومن ثم رمز المصنف لحسنه. 8040 - (ما من رجل يأتي قوماً ويوسعون له) في المجلس الذين هم جلوس فيه (حتى يرضى) أي لأجل رضاه وجبراً لخاطره (إلا كان حقاً على اللّه رضاهم) قال الطيبي: الحق بمعنى الواجب إما بحسب الوعد أو الإخبار وهو خبر كان واسمه رضاهم والجملة خبر والاستثناء مفرغ. - (طب عن أبي موسى) الأشعري قال الهيثمي: فيه سليمان بن سلمة الخبائري وهو متروك. 8041 - (ما من رجل يتعاظم في نفسه ويختال في مشيته) بكسر الميم (إلا لقي اللّه تعالى) يوم القيامة (وهو عليه غضبان) لأنه لا يحب المستكبرين وقد أفاد هذا الوعيد أن التعاظم والمشي باختيال من الكبائر ولذلك عده الذهبي منها، قال: وأشر الكبر من تكبر على العباد بعلمه وتعاظم في نفسه بفضيلته قال: وهذا علمه وبال عليه إذ من طلب العلم للآخرة خشع قلبه واستكانت نفسه وكان على نفسه بالمرصاد فلم يغتر عن محاسبتها كل وقت ومن طلب العلم للفخر والرياسة ونظر للناس شزراً وتحامق عليهم وازدراهم فهذا من أكبر الكبر ولا يدخل الجنة من في قلبه مثقال حبة من كبر ولا حول ولا قوة إلا باللّه. واعلم أن حقيقة الكبر لا توجد في إنسان إلا أن يعتقد لنفسه مزية فوق مزيته فالكبر يستدعي مستكبراً به ومتكبراً عليه وبه ينفصل عن العجب وله أسباب وبواعث فمن أسبابه الحسب ومن بواعثه العجب والحقد والحسد ودواؤه أن يعرف نفسه ويستحضر عظمة ربه وكبرياءه ويلحظ نفسه وحقارتها وينظر إلى ما يشتمل عليه باطنه وظاهره فإن القدر يجري على جميع أجزائه فالعذرة في جميع أمعائه والبول في مثانته والمخاط في أنفه والبصاق في فيه والوسخ في أذنيه والدم في عروقه والصديد تحت سرته ويتردد في اليوم مراراً للخلاء ثم إنه في أول خلقته خلق من الأقذار من النطفة ودم الحيض وجرى في مجرى البول مرتين فواعجبا له كيف يتكبر!!. - (حم خد ك) في الإيمان من حديث عكرمة بن خالد المخزومي (عن ابن عمر) بن الخطاب قال عكرمة: حدثني أبي أنه لقي ابن عمر فقال له: إنا بنوا المغيرة قوم فينا نخوة فهل سمعت رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم يقول في ذلك شيئاً؟ قال: سمعته يقول فذكره. قال الحاكم: على شرط مسلم وأقره الذهبي. 8042 - (ما من رجل ينعس بلسانه حقاً فعمل به من بعده إلا أجرى أجره إلى يوم القيامة ثم وفاه اللّه ثوابه يوم القيامة) قال الطيبي: المستثنى منه مقدر أي ما من رجل يتصف بهذه الصفة كائن على حال من الأحوال إلا على هذه الحالة وعلى هذا المعنى ينزل سائر الاستثناءات وإن لم يصرح بالنفي فيها لكونها في سياق النفي. - (حم عن أنس) بن مالك رمز المصنف لحسنه وليس بمسلم فقد قال مخرجه أحمد نفسه: عبد اللّه بن عبد اللّه بن موهب لا يعرف قال الهيثمي: وفيه أيضاً شيخ ابن موهب مالك بن خالد بن جارية الأنصاري لم أر من ترجمه وقال المنذري: في إسناده نظر لكن الأصول تعضده. [ص 483] 8043 - (ما من رجل ينظر إلى وجه والديه) أي أصليه وإن عليا (نظر رحمة إلا كتب اللّه بها حجة مقبولة مبرورة) أي ثواباً مثل ثوابها. وهذا ترغيب في بر الوالدين وتحذير شديد من عقوقهما. - (الرافعي) إمام الدين عبد الكريم القزويني (عن ابن عباس). 8044 - (ما من رجل) ميت (يصلي عليه مئة إلا غفر له) قال التوربشتي: لا تناقض بينه وبين خبر الأربعين لأن أمثال هذا يكون أقل العددين فيه متأخراً لأنه تعالى إذا وعد المغفرة في شيء واحد مرتين وأحدهما أكثر لا ينقص من الفضل الموعود بعد ذلك اهـ وقال ابن جرير: فينبغي لأهل الميت أن ينتظروا بالصلاة عليه ما لم يخف تغيره اجتماع مئة فإن لم يتيسر فأربعين فإن لم يبلغوها جعلوا ثلاثة صفوف. - (طب حل عن ابن عمر) بن الخطاب قال المنذري بعد عزوه للطبراني: فيه مبشر بن أبي المليح لا يحضرني حاله وقال الهيثمي: فيه عند الطبراني مبشر بن أبي المليح لم أجد من ذكره ورواه ابن ماجه بمعناه ولفظه ما من رجل يصلي عليه أمة من الناس إلا غفر له والأمة المئة انتهى بنصه وقوله والأمة المئة الظاهر أنه من المرفوع ويحتمل خلافه. 8045 - (ما من ساعة تمر بابن آدم) من عمره (لم يذكر اللّه فيها إلا حسر عليها يوم القيامة) أي قبل دخول الجنة إذ هي لا حسرة فيها ولا ندامة. - (حل هب عن عائشة) قضية كلام المصنف أن مخرجه البيهقي خرجه وسلمه والأمر بخلافه بل تعقبه بما نصه في هذا الإسناد ضعف غير أن له شاهداً من حديث معاذ انتهى وذلك لأن فيه عمرو بن الحصين العقيلي قال الذهبي وغيره: تركوه وبه أعلَّ الهيثمي هذا الخبر فقال: فيه عمرو بن الحصين وهو متروك. 8046 - (ما من شيء في الميزان أثقل من حسن الخلق). - (حم د عن أبي الدرداء) وفيه محمد بن كثير قال في الكاشف: مختلف فيه ثقة اختلط بآخره وصححه الترمذي. 8047 - (ما من شيء يوضع في الميزان أثقل من حسن الخلق وإن صاحب حسن الخلق ليبلغ به) أي بحسن خلقه (درجة صاحب الصوم والصلاة) قال الطيبي: المراد به نوافلها قال ابن حجر: الصحيح أن الأعمال هي التي توزن ففيه رد على الطيبي حيث قال: إنما توزن صحفها لأن الأعمال أعراض فلا توصف بثقل ولا خفة والحق عند أهل السنة أن الأعمال تجسد أو تجعل في أجسام فتصير أعمال الطائعين في صورة حسنة وأعمال المسيئين في صورة قبيحة ثم توزن. - (ت عن أبي الدرداء) وقال: غريب وقال في بعض طرقه: صحيح. [ص 484] 8048 - (ما من شيء يصيب المؤمن في جسده يؤذيه) فصبر واحتسب كما في رواية (إلا كفر اللّه به عنه من سيئاته) ولهذا قال بعضهم: العبد ملازم للجنايات في كل أوان وجناياته في طاعته أكثر من جناياته في معاصيه لأن جناية المعصية من وجه وجناية الطاعة من وجوه واللّه يطهر عبده من جناياته بأنواع من المصائب ليخفف عنه أثقاله يوم القيامة ولولا عفوه ومغفرته ورحمته لهلك في أول خطيئته. <تنبيه> زعم القرافي أنه لا يجوز لأحد أن يقول للمصاب جعل اللّه هذه المصيبة كفارة لذنبك لأن الشارع قد جعلها كفارة فسؤال التكفير طلب لتحصيل الحاصل وهو إساءة أدب على الشرع، ونوزع بما ورد من جواز الدعاء بما هو واقع كالصلاة على المصطفى صلى اللّه عليه وسلم وسؤال الوسيلة له، وأجيب بأن الكلام فيما لم يرد فيه شيء أما الوارد فهو مشروع ليثاب من امتثل الأمر فيه على ذلك. - (حم ك) في الجنائز (عن معاوية) قال الحاكم: على شرطهما وأقره الذهبي وقال الهيثمي: رجال أحمد رجال الصحيح. 8049 - (ما من شيء إلا يعلم أني رسول اللّه إلا كفرة الجن والإنس) لفظ رواية الطبراني فيما وقفت عليه من النسخ إلا كفرة أو فسقة الجن والإنس. - (طب عن يعلى) بفتح الياء واللام (بن مرة) بن وهب بن جابر الثقفي رمز المصنف لصحته وهو زلل كيف وفيه عمر بن عبد اللّه بن يعلى بن مرة الثقفي أورده الذهبي في الضعفاء وقال في الكاشف: ضعفوه وفيه علي بن عبد العزيز فإن كان البغوي فقد كان يطلب على التحديث أو ابن الحاجب فلم يكن في دينه بذلك أو الجناب فغير ثقة. 8050 - (ما من شيء أحب إلى اللّه تعالى من شاب تائب) أو شابة تائبة (وما من شيء أبغض إلى اللّه تعالى من شيخ مقيم على معاصيه) أو شيخة كذلك (وما في الحسنات حسنة أحب إلى اللّه من حسنة تعمل في ليلة الجمعة أو يوم الجمعة وما من الذنوب ذنب أبغض إلى اللّه من ذنب يعمل في ليلة الجمعة أو يوم الجمعة) أي فيكون عقاب ذلك الذنب المفعول فيهما أشد منه لو فعل في غيرهما. - (أبو المظفر) منصور بن عبد الجبار العديم النظير في وقفه المتفق على إمامته وجلالته وجودة تصانيفه (السمعاني) بفتح السين وسكون الميم وخفة العين نسبة إلى سمعان بطن من تميم وهو بيت مشهور بمرو منهم أكابر الفقهاء وأعاظم المفسرين والمحدثين الأصوليين (في أماليه عن سلمان) الفارسي وروى صدره الديلمي في مسند الفردوس من حديث أنس. 8051 - (ما) نكرة وقعت في سياق النفي وضم إليها من الاستغراقية لإفادة الشمول ذكره الطيبي (من صباح يصبح العباد) صفة مؤكدة لمزيد الشمول والإحاطة كقوله تعالى - (ت) في الدعوات (عن الزبير) بن العوام وقال: غريب اهـ. وقال جمع منهم الصدر المناوي: وفيه سفيان بن وكيع وموسى بن عبيدة وهما ضعيفان وقال الهيثمي: فيه موسى بن عبيدة وهو ضعيف جداً. 8052 - (ما من صباح يصبح العباد فيه إلا صارخ يصرخ) في رواية ابن السني إلا صورخ صارخ (أيها الخلائق سبحوا [ص 485] الملك القدوس) أي قولوا سبحان الملك القدوس أو ما في معناه من قوله سبوح قدوس رب الملائكة والروح كأنه قيل نزهوا عن النقائص من هو منزه عنها ذكره المظهر. - (ع وابن السني عن الزبير) بن العوام. 8053 - (ما من صباح يصبحه العباد إلا وصارخ) الصراخ الاستغاثة بصوت رفيع يصرخ (يا أيها الناس لدوا للموت واجمعوا للفناء وابنوا للخراب) اللام في الثلاثة لام العاقبة فهو تسمية للشيء بعاقبته، ونبه بهذا على أنه لا ينبغي للمرء أن يجمع من المال إلا قدر الحاجة ولا يبني من المساكن إلا ما تندفع به الضرورة وهو ما يقي الحر والبرد ويدفع الأعين والأيدي وما عدا ذلك فهو مضاد للدين مفسد له وقد اتخذ نوح بيتاً من قصب فقيل له: لو بنيت فقال: هذا كثير لمن يموت وقال الحسن: دخلنا على صفوان بن محرز وهو في بيت من قصب قد مال عليه فقلنا: لو أصلحته فقال: كم من رمل مات وهذا قائم على حاله وأنشد البيهقي بسنده إلى سابق البربري: وللموت تغذو الوالدات سخالها * كما لخراب الدار تبنى المساكن وأنشد ابن حجر: بني الدنيا أقلوا الهم فيها * فما فيها يؤول إلى الفوات بناء للخراب وجمع مال * ليفنى والتوالد للممات - (هب) من رواية موسى بن عبيدة عن محمد بن ثابت عن أبي حكيم مولى الزبير (عن الزبير) بن العوام قال ابن حجر في تخريج المختصر: حديث غريب وموسى وشيخه ضعيفان وأبو حكيم مجهول. 8054 - (ما من صباح ولا رواح إلا وبقاع الأرض ينادي بعضها بعضاً يا جارة هل مر بك اليوم عبد صالح) قال الإمام: يجوز أن يراد بصالح المفرد والجمع وقيل أصله صالحون فحذفت النون والواو (صلى عليك أو ذكر اللّه؟ فإن قالت نعم رأت أن لها بذلك فضلاً) هذا ظاهر في أن الأرض تتكلم بلسان القال ولا مانع منه ولا ملجئ لجعله بلسان الحال كما زعمه البعض له ولا يلزم من كونه بلسان القال سماعنا ولا كونه ككلامنا بل قد يكون على نحو آخر من أنحاء الكلام. - (طس حل نن أنس) ثم قال مخرجه أبو نعيم: غريب من حديث صالح المري تفرد به عن إسماعيل بن عيسى القناديلي اهـ. وقال الهيثمي: فيه صالح المري ضعيف. 8055 - (ما من صدقة أفضل من قول) بالتنوين أي من لفظ يدفع به عن محترم كرباً أو يجلب له به نفعاً كشفاعة وإنذار أعمى يقع في بئر أو غافل قصدته حية أو أسد. ومن كلامهم البديع "رب صدقة من بين فكيك خير من صدقة من بطن كفيك" - (هب عن جابر) بن عبد اللّه وفيه المغيرة بن سقلاب قال في الميزان: عن ابن عدي منكر الحديث وعن الأبار لا يساوي بعرة ثم أورد له هذا الخبر وقال العقيلي: لم يكن مؤتمناً على الحديث وقال ابن حبان: غلب عليه المناكير فاستحق الترك وفيه معقل بن عبيد اللّه ضعفه ابن معين واحتج به مسلم. [ص 486] 8056 - (ما من صدقة أحب إلى اللّه من قول الحق) من نحو أمر بمعروف ونهي عن منكر. - (هب عن أبي هريرة) وفيه المغيرة بن سقلاب أيضاً. 8057 - (ما من صلاة مفروضة إلا وبين يديها ركعتان) استدل به على ندب ركعتين قبل المغرب وعليه التعويل عند الشافعية وأن للجعمة سنة قبلية قال أبو زرعة: لكن يضعف الاستدلال به من جهة أنه عموم قبل التخصيص فقد تقدم عليه ما هو الظاهر من حال النبي صلى اللّه عليه وسلم وصحبه أنهم لم يكونوا يفعلون ذلك. - (حب طب عن أبي الزبير) قال الهيثمي: فيه سويد بن عبد العزيز وهو ضعيف. 8058 - (ما من عام إلا الذي بعده شر منه حتى تلقوا ربكم) يعني به ذهاب العلماء وانقراض الصلحاء، وخرج ابن جميع عن ابن عباس: ما بكيت من دهر إلا بكيت عليه * رب يوم بكيت منه فلما * صرت في غيره بكيت عليه - (ت عن أنس) بن مالك وفي البخاري ما هو بمعناه وأما خبر كل عام ترذلون وقول عائشة لولا كلمة سبقت من رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم لقلت كل يوم ترذلون فقال ابن حجر: لا أصل له. 8059 - (ما من عام إلا ينقص الخير فيه ويزيد الشر) قيل للحسن فهذا ابن عبد العزيز بعد الحجاج فقال: لا بد للزمان من تنفيس. - (طب عن أبي الدرداء) رمز المصنف لحسنه وقال السخاوي: سنده جيد قال: وورد بسند صحيح أمس خير من اليوم واليوم خير من غد وكذلك حتى تقوم الساعة. 8060 - (ما من عبد يسجد للّه سجدة) أي في الصلاة فخرج سجود التلاوة والشكر فإنه لا يؤمر بكثرته ولا يحث عليها لأنه إنما يشرع لعارض كما مر (إلا رفعه اللّه بها درجة وحط عنه بها خطيئة) زاد في حديث عبادة وأبي ذر وكتب اللّه له بها حسنة قال الزين العراقي: وإسناده صحيح وزيادة الثقة مقبولة، فإن قيل ما الفرق بين رفع الدرجة وكتب الحسنة فقد يكون رفع الدرجة بسبب كتابة الحسنة قلنا رفع الدرجة وإن كان بسبب اكتساب الحسنة فالسبب غير المسبب فهما شيئان وأيضاً رفع الدرجة قد لا يكون مرتباً على اكتسابه الحسنة فقد يمحى بكتابتها سيئة أخرى وهذا الحديث قد احتج به من فضل إطالة السجود على إطالة القيام ووجهه أيضاً بأن أول سورة نزلت وهي {اقرأ} ختمها بقوله {واسجد واقترب} وبأن السجود يقع من المخلوقات كلها علويها وسفليها وبأن الساجد أذل ما يكون لربه وأخضع له وذلك أشرف حالات العبد وبأن السجود سر العبودية فإنها هي الذل والخضوع وأذل ما يكون العبد وأخضع إذا كان ساجداً. - (حم حب ت ن عن ثوبان) مولى رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم قال الترمذي: حسن صحيح، واعترض تصحيحه بأنه من رواية الوليد بن مسلم بالعنعنة وهو مدلس وأجيب بأنه صرح بسماعه في رواية ورواه ابن ماجه عن عبادة بن الصامت بلفظ ما من مسلم يسجد للّه سجدة إلا كتب اللّه له بها حسنة ومحا عنه سيئة ورفع بها درجة فأكثروا السجود اهـ. قال الحافظ العراقي: وسنده صحيح. [ص 487] 8061 - (ما من عبد مسلم يدعو لأخيه في ظهر الغيب) أي في غيبة المدعو له (إلا قال الملك) في رواية المتوكل به (ولك بمثل) بكسر الميم وسكون المثلثة على الأشهر وروي بفتحهما وتنوينه عوض من المضاف إليه يعني بمثل ما دعوته وهذا بالحقيقة دعاء من الملك بمثل ما دعاه لأخيه وما قيل إن معناه ولك بمثل ما دعوته أي بثوابه فركيك. - (م د عن أبي الدرداء). 7062 - (ما من عبد يمر بقبر رجل كان يعرفه في الدنيا) أي وهو غير شهيد كما قاله القرطبي حيث قال: عمومه محمول على غير الشهداء، لأن أرواحهم في جوف طير خضر تأوي إلى قناديل معلقة بالعرش اهـ. (فسلم عليه إلا عرفه ورد عليه السلام) فرحاً به، وقال الحافظ العراقي: المعرفة ورد السلام فرع الحياة ورد الروح ولا مانع من خلق هذا الإدراك برد الروح في بعض جسده وإن لم يكن ذلك في جميعه وقال بعض الأعاظم: تعلق النفس بالبدن تعلق يشبه العشق الشديد والحب اللازم فإذا فارقت النفس البدن فذلك العشق لا يزول إلا بعد حين فتصير تلك النفس شديدة الميل لذلك البدن ولهذا ينهى عن كسر عظمه ووطء قبره فإذا وقف إنسان على قبر إنسان قوي النفس كامل الجوهر شديد التأثير حصل بين النفسين ملاقاة روحانية وبهذا الطريق تصير تلك الزيارة سبباً لحصول المنفعة الكبرى والبهجة العظمى لروح الزائر والمزور ويحصل لهما من السلام والرد غاية السرور وهذا هو السبب الأصلي في مشروعية الزيارة، وفي العاقبة لعبد الحق عن الفخر التبريزي أنه كان يشكل عليه مسائل فيطيل الفكر فيها ويبذل الجهد في حلها فلا تنجلي حتى يذهب لقبر شيخه التاج التبريزي ويجلس بين يديه كما كان في حياته ويفكر فيها فتنجلي سريعاً، قال جربت ذلك مراراً، وقال الإمام الرازي في المطالب: كان أصحاب أرسطو كلما أشكل عليهم بحث غامض ذهبوا إلى قبره وبحثوا فيه عنده فيفتح لهم وسره أن نفس الزائر والمزور شبيهان بمرآتين صقيلتين وضعتا بحيث ينعكس الشعاع من إحداهما إلى الأخرى فكلما حصل في نفس الزائر الحي من المعارف والعلوم والأخلاق الفاضلة من الخضوع للّه والرضى بقضائه ينعكس معه نور ذلك الإنسان الميت وكلما حصل في نفس الميت من العلوم المشرقة ينعكس منها نور إلى روح هذا الزائر الحي.
|